البقاء لله يا خريسا (كريسا) |
السفير/ يسري القويضي
خريسا أو (كريسا) هي فنانة أمريكية من
أصول يونانية، ولدت بأثينا عام 1933 وتوفيت باليونان من أسابيع قليلة
(ديسمبر 2013)، درست الفن في فرنسا بأكاديمية جراند شومير La Grande
Ghaumiere في أوائل الخمسينيات، وتأثرت في بداياتها بالسيرياليين أمثال
أندريه بريتون وماكس إرنست، وكان جياكوميتي من بين
من درسوا لها، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1954 حيث درست
في مدرسة الفنون الجميلة بسان فرانسيسكو بكاليفورنيا واستقرت بنيويورك منذ
عام 1955 وتجنست بالجنسية الأمريكية وعاشت معظم حياتها بالولايات المتحدة
الأمريكية، وكانت تتردد على اليونان وتقيم بها بعض الوقت، ثم استقرت في
أثينا بدءاً من 1992 حتي وفاتها.
اشتهرت كريسا بكونها من رواد استخدام
الإضاءة بالنيون في الأعمال الفنية، فبعد أن ظل استخدام أضواء النيون قاصر
على أغراض الإعلانات التجارية بالولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربع عقود
من 1920 وحتى 1960، أقدمت الفنانة كريسا وآخرون من فناني البوب آرت على
تقديم الإضاءة بالنيون في الأعمال الفنية، ونفذت العديد من أعمال النيون
خلال الستينيات والسبعينيات.
أرجع خبر وفاة رائدة النيون لذاكرتي صوراً
عشتها في عام 1949، عندما حضرت للقاهرة من الإسكندرية (وعمري تسع سنوات)
في صحبة أسرتي لزيارة المعرض الزراعي الصناعي، فبهرت بالإعلانات التجارية
للكوكاكولا بأضواء النيون مشيدة فوق الأبنية المطلة على ميدان الإسماعيلية
(التحرير حالياً)، وكانت وقتها حدثاً جديداً في مصر، سبقت به القاهرة كثير
من العواصم الأوروبية.
المعروف أن أول استخدام للنيون في العالم
حدث في باريس عام 1910 وانتقل منها إلى الولايات المتحدة بدءاً من 1920،
واستخدم في الإعلانات التجارية بأمريكا، ثم انتشر بعدها في عدد من العواصم
الأوروبية الكبرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكان من نصيب القاهرة
أن تكون من بين أوائل من عرفوا إعلانات النيون، وقد ازدهرت مهنة وصناعة
النيون لدينا على يد أجانب متمصرين من المقيمين بمصر، ثم توارث المهنة
بعدهم فنيون مصريون، واستمروا في الاستخدام التجاري للنيون في مصر منذ ذلك
الوقت - رغم رواج استخدام النيون بمصر منذ الخمسينيات، لم يلتفت الفنانون
البصريون لدينا إلى إمكانية استخدامه في الأعمال الفنية إلا في وقت متأخر
جداً، فقد جرت في السنوات الأخيرة محاولات وتجارب ناجحة لعدد من فنانينا
أذكر منهم، على سبيل المثال وليس الحصر، كل من الفنان أيمن السمري والفنان
معتز نصر، لكن تلك الظاهرة لم تنتشر على نطاق واسع، وأعتقد أن ذلك يرجع
للتكلفة الباهظة التي يتطلبها إنتاج أنابيب النيون.
إن الزمن يتحرك ... أشياء تنتهي ...
وأشياء تستحدث، ثم يمر الوقت عليها لتنتهي بدورها، إنها دورة أزلية ندور في
نطاقها، نحاول اللحاق بمن سبقوا، يحدونا الأمل في أن يأتي اليوم الذي
يتبعنا فيه الآخرون، وليس ذلك مستحيلاً، المهم أن يكون المستقبل وجهتنا،
نعمل بجد ... وصبر ... وأمل من أجل النجاح.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق