الثلاثاء، 8 أبريل 2014

قراءة في ديوان ( بـيتين وتـنور ) للشاعر الدكتور اياد قحوش :..../ الكاتب والشاعر .../نسيب السلمان ...

قراءة في ديوان ( بـيتين وتـنور ) للشاعر الدكتور اياد قحوش :
ولد الشعر في حضن المستحيل وأخذ يزرع نهنهاته لتـنمو شيئاً فشيئاً حتى غدا أكبر من الوصف ، يفـتح سماء من ولهٍ أخضر .
ديوان بـيتين وتـنور الصادر عن ( مؤسسة الرحاب الحديثة ) في بـيروت بطبعته الأولى ، حيث تحتضن غلفتا الكتاب على ( 139 ) قصيدة قصيرة تشرق من تلالها لغة راقصة يحبس القارئ أنـفاسه بـين سطورها ، ولا يكاد يفلت من أمواج صورة تـقـتلع صمته حتى تفاجئه أمواج صورة أخرى تـنبش دهشته من جديد ..... تـتحكم القصائد في دقات قلب قارئها ، وتـنـثر جمرها على مرمى غبطته ، حتى يخيّـل له أن الشاعر يعلم تـفاصيل روحه وأنه يخصه وحده بما كتب ، تدهشك قصائد الديوان منذ اللحظة الأولى وترمي بك في وهج الحب المتمرد حيث يقول :
بس تـنفخي الصابون ..... عن ديكي لزغار
بحس العمر نـفخه ...... ورغوة ولدني
ومره شمس بتطير ..... عاسطح النهار
ومره قمر بـيطير ...... فوق الميدني
وبـيزت حالو هيك ....... تَ تطق الدني .
وتـنبثـق صور القصائد الخلاقة كما تـنبثـق عين الماء من قلب الصخر عذبة شفافة تحمل عصارة الروح ودفء الأرض ووجع الولادة وانبهار من يرى .... فيقول :
وينك خزقتي الضو ....... نـفّـد فيّ
وبالفيّ ماشفـتـك .... شو إنـتي خيال
عملتـلّـك ضلوعي ...... درج من ميّ
تَ كلّ مَ نزلتي ....... متل شلال
درجه ودرجه ..... تطلعي عالبال .
ويكسر الشاعر بلغته العذبة المتمردة وبخيالها الدافق كل ما يتوقعه القارئ ، ليصدمه ويقلب مقايـيسه ويريه الأشياء في مرآة الأفق عندما يقول :
عندي مرا من ميّ ........ بكسرها بعرق
وبغـبّـها ........ وبروح معها للأبد
وكل ما نهر إلهامها ........ فيي مرق
من طوفة الأحلام .......... بـيصير الزبد
تمثال ثلج من الجمال ..... بـينعبد
فإن ما تستطيعه اللغة المحكية قد تعجز عنه اللغة الفصحى ، ليس ضعفاً وإنما للحرية التي تـتمتّع بها ، فومضات هذا الديوان تـتـنـوّع ويتجاذبها الحب تارة والحزن تارة أخرى والوطن والموت والتأمل ..... ومن ذلك قصيدة مدهشة بعنوان ( نـفّيخ ) يقول فيها :
بعرف إنت نـفّـيخ ....... عندك حيل
مره نْـفـخِتْ عالشمس ...... صارت فيّ
إي حط تمّـك ...... عالقمر بالليل
ونـفوخ تَ يكبر ...... الكون شويّ
زغيري الدني ...... وداقت خلاق الميّ
كيفما قـلّبت هذا الديوان وجدت نـفسك في غابة أسطورية مليئة بكل غريب ومدهش ..... تمشي بـين أشجار سحرها فـتـقع ومضة من هنا وتـنهال عليك فكرة من هناك ، فلا اللغة هي تلك التي تألفها ، ولا الصورة هي الصورة التي تـتوقعها ..... !!!!
عالم يعانـقك بكل مافيه من جمال وروعة ........ وأفكار تـتوالى حتى تعيدك من حيث بدأت لتعيد القراءة مرة أخرى .
تحملك على أجنحة الحلم بعيداً في فضاءآت اللغة ...... وتـنسج من غيم حروفها مطراً دافئاً يتـغلغـل في ثـنايا الروح ليصرخ في وحشة الكلمات ...... أنا الشعر ....... بـيتين وتـنور .
فكم رصّع مكـتبتـنا بـبريق لن يخبو أبداً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق