الأحد، 13 أبريل 2014

ضرورات الشكل السينمائي.../ مقال .../ الكاتب والمخرج السينمائي .../ حسين السلمان .../ العراق ....

صحيفة فنون الالكترونية :
حسين السلمان وهاب السيد
تقبل تحياتي الصديق العزيز المبدع وهاب السيد
وتقبل هذا الموضوع لمجلتكم الجمياة (فنون)
اعتزازي
ضرورات الشكل السينمائي
حسين السلمان
الخميس 10-04-2014

لم تزل قضية السرد قائمة منذ أخذ الشكل السينمائي يؤكد حضوره في العملية الابداعية باعتباره الوريث الجامع لكل انواع السرد في الادب والفن مثل الرواية والمسرحية وكذلك الموسيقى .
فالشكل السينمائي يظل على الدوام منطلقا من الفعل وادراكاته لان هذا المبدأ هو الذي يحدد الخطوط الاساس للشكل السينمائي الذي كان (هتشكوك)مغرما به حتى تألق الامر معه الى حد التكرارفي اغلب افلامه.
اذن الشكل السينمائي هو "بناء ستراتيجية للادراك الحسي"وهذا يعني جدلا ، ترابط وجهات النظر وطرق الاستماع، وهذه تعتبر حركة تشكيلية تتجرد في احيان وجهات النظر فيها،وهي طرائق الاستماع التي يتم ادراك الفعل من خلالها، وهذا ما يتلاقح في كثير من الحالات مع السرد السينمائي الذي يمكن القول عنه انه في ذات المعنى ايضا بناء ستراتيجية الادراك الحسي وتداخل العناصر الفنية .
تاخذ الحالة هذه صيغة ابداعية اخرىتقترب من الكاتب واسلوبه وطرق المعالجة الادبية .لهذايمكن استدلال الفهم من هذه الحالة على نمطية اخرى الا وهي ان الفعل ليس هو السينمائي ، بل السينمائي هو ستراتيجية الادراك الحسي التي يتفاعل من خلالها الفعل، وهذه صيغة ابداعية نجدها فقط في افلام معينة لكتاب سيناريو ومخرجيين متميزيين في افكارهم واساليبهم مثل ( فورمان ، تروفو،غودار،رينيه )
تظهر هذه الصيغة عبر انواع مختلفة من الافعال والحركات على شكل مطاردات ، وهي افعال متداولة بكثرة في السينما الحديثة ،كما ويظهر ايضا في المشاهد الحوارية ( الثنائية او الجماعية)وهو فعل اعتادت عليه السينما، لكنه فعل متغيرفي الفهم والمعنى طبقا لرؤى وافكار الكاتب والمخرج في ان.
يأتي الشكل السينمائي عبر تمهيدات اولية ،يمر خلالها بثلاث مراحل تتجسد في حقيقتها خلال وبعد اكتمال عملية المونتاج،وان هذه المراحل تمر هي الاخرىبثلاث مراحل ةهي التصوير، المونتاج والتداخل الزمكاني.
هنا تبرز جليا امكانيات السينما وما تمتلكه من حريات في السرد لا يمتلكها على سبيل المثال الكاتب المسرحي، هنا السينمائي يتالق كالروائي فهو متوثب، سريع التحول من فضاء الى فضاء اخر ، كما انه يستطيع الدمج بين فضائين مختلفين. وهذا ما نطلق عليه في السينما الخطوط المتوازية كما ظهر في الابداعات الاولى للسينما عند (غريفت)واطلق عليه تسمية المونتاج المتوازي وهو لم يزل قائما حتى الان،فالسينما قادرة على الانتقال الخاطف في الزمن وفي المكان عندما نجد ان السرد السينمائي متغير في بناء تركيباته مستغلا الطرق الاوربية الاخرى، فهو مرة يكون قريبا من المسرح مستفيدا ومخضعا امكانياته وقدراته للشكل السينمائي ، ومرة يكون مراوغا للروائي مستعينا بقدراته السردية .
لكن واحدة من الاشكاليات التي تبرز امام السرد السينمائي هي مخاطرة الحوار لانه لايمكن به اختصار الخصوصية السينمائية ، فلابد ان نسمع ما نرى وان نرى ما نسمع، فالفعل الصوتي لايمكن ان ينحرف من ذات مسارات الفعل المرئي.هنا عندنا حركة تزامن لكنها ليست حركة اندماج كامل،اذن تبرز هنا في الكتابة السينمائية تعقيدات كثيرة مثل الحركة الصوتية والحركة الفضائية وحركة الكاميرا وحركة الممثل وحركة الميزانسين والمونتاج.
كما ان زاوية وحجم وطول اللقطة تعتبر عوامل اساسية في تركيبة البناء السردي للفيلم ،لذا نطرح ذات السؤال الذي قدمه(بيبر مايو)في كتابه( الكتابة السينمائية)حيث يقول:ان بلوغ البحر بعد مسير شاق في فيلم ( الاربعمائة ضربة) لكوبريك او الضياع المترنح في( لاسترادا) لفلليني غالبا ما ينتمي الى نمط الانتصار المبهم ، بعنى ( ان الحركة التي ينفتح الفضاء من خلالها وينغلق،والتي في مقابلها يصل الضوء او الليل الى الشاشة يجب ان تستكمل بحركة الحركة أي بالبنية العامة لفعل الشخصية او الشخصيات التي تنتظم بين الحركة والثبات والتسريع والابطاء وفقا لكل الاشكال الممكنة ويعد(كوروساوا)مثالا رائعا لهذه الحالة في فيلمه( الحياة) .
2
ان البناء المعماري0التنظيم، الرسم،التشييد)يقودنا الى تركيبة ايقاعه لوقائع سردية مثل الفضاء، الزمن،الحركة لتشكل جميعا(مجتمعةاو منفردة) توليفا بين حركاتها المتبادلة( تنافرا او انسجاما).ولهذا نجد السيناريست يلتزم التزاما قويا يجعل الحركات والفضاءات واضحة من خلال المعمارية الدقيقة لمراحل بناء السيناريو.هنا تتوالد في داخل العمل مهمات جديدة امام السرد السينمائي وهي متجسدة في المضمون السردي الذي يهتم بالشخصيات وتنظيم البنى الكبرى( زمن، حركات،فضاء) بمعنى العلاقات المتبادلة فيما بينها.. واخيرا تشكيل تدرج زمني للعرض، واقرب الامثلة لما تقدم نجدها في (سارق الدراجة) و( الارض تهتز) و(الوهم الكبير) ان هذا الاهتمام بالعنصر السوسيولوجي والسياسي والتاريخي يقود السينمائي الواقعي لاكتشاف التدرج الزمني التاريخي باعتباره تركيبا سرديا.
ولنأخذ بتحليل هذه الجملة( كنت اخرج مع البرتين كل يوم..)التي وردت في (البحث عن الزمن الضائع) لبروست ولنتسأل: ما الذي نصوره؟ اين؟ وكيف؟ ومتى؟ اين حركة الشخصيات.. ماهي الدوافع، الحالة النفسية لالقاء الكلمة بصيغة ضمير متكلم، اين تكون الكاميرا، ما هو حجم اللقطة،اين زاويتها وكيف يكون مستواها ..و..و..
تلك اسئلة تقود الى هندسة معمارية لبناء الشكل السينمائي للسيناريو.هنا يموت زمن بروست(الماضي)ليصبح عندنا وحسب ضرورة السرد بصيغة النص المضارع . وهذا ما تم تأكيده من قبل ( كوليشوف)حين قال:السيناريو يجب ان لايكون سردا مكتوبا،بل تنظيم من الرموزالبصرية الشبيهةبالعلامات المستخدمة في قطعة موسيقية .فالسينما اكثر كل الفنون كذبا وخداعا وابهارا بسبب النوعية الواقعية لصورتها وللتقريب الذي تنحج في خلقه بين المنظر السينمائي وبين المشاهد، وهذا يقودنا الى الفعل الكمبر في السينما ،انه الاخراج الذي اضافة الى رؤياه المتنوعة فانه يتجسد في مواقع عديدة مثل الزمن ، المكان وكل ما هو مادي ومرئي في المشهد عبر الاشكال والحجوم والالوان والاضاءة وهي المواد التي ينبغي على المخرج بنائها في الفضاء ، لان كل هذه العناصر مجتمعة او منفردة تقدم استعارة صورية ومعمارية تؤدي الى تأويل المخرج للنص ـ السيناريو من اجل نفخ روحة تشكيلية تعمل على اثارة وتوجيه الانفعال المطلوب داخل الصالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق