رسائل
انتظرتُ مجيئَكَ طويلاً.
سبحتُ مع النجومِ والخرافِ في السماء،
ملأتُ الأوراقَ على الطاولةِ بكلماتٍ ورسومٍ رديئة،
ومع بزوغِ الفجرِ
صدَحَتْ عصافيرُ شجرةِ الجيران
ومآذنُ المدينةِ الكثيرة...
لكنّكَ لم تأتِ.
***
أبحثُ عنكَ في قطراتِ المطر
إذ تعزفُ على نافذتي أغنيةَ الشتاء؛
في همسِ الأشجارِ وهي تحكي أسرارَها الخريفية،
في ظلالِ المارّةِ على الرصيف...
أبحثُ عنكَ في الحُلمِ واليقظة.
***
تجيءُ كما يجيءُ الصيف،
متأخراً وشديدَ الحرارة.
وما أنْ تصِلَ
حتى تتفتّحَ براعمي
وتبدأَ عصافيرُ أحلامي بالزقزقة.
***
كلّما حاولتُ النسيان
أحسستُ بيدِكَ تداعبُ شَعري
وحرارةِ أنفاسِكَ اللاهثةِ على رقبتي.
مرّةً أخرى تعتذرُ
ومرةً أخرى أغفرُ لك.
***
أتقافزُ حولَكَ كطفلة حين تصِلُ:
كأنّي لم أكبرْ قطُّ،
كأنَّ الشعرَ الأبيضّ في رأسي
ضفائرُ العيدِ الملوّنة.
أحدّثكَ عن كلِّ ما فاتَكَ وأنتَ هناك
تحدّقُ من وراءِ زجاجِ نافذتِكَ المغطّى بالضباب
باتجاهِ الجنوب.
***
حينَ أفكّرُ فيكَ
أحسُّ بالأرضِ تتأرجحُ بي،
وكلّما نطقَ أحدُهم باسمِكَ
تفتّحتْ زهرةٌ على شفتيَّ
لأسقيَها بدموعٍ تتحدّى الانحباس.
***
بيني وبينكَ
أعوامٌ من الرقصِ والأحلام
والكلماتِ التي لم تُقَلْ.
***
لم أغضبْ منكَ يومَها:
ربّما كنتَ محقّاً،
ربمّا كنتُ..
لا يَهُمُّ.
فما يربطُنا
حبلٌ سرّيٌّ
لم تقطعْهُ المُمرّضة.
***
أغنّي للأزهارِ والأشجار،
أستحمُّ في المطر،
وأشربُ قهوةً باردةً على الشرفة
أراقب انشغالَ المدينةِ عنّي...
كم أحبُّك!
***
تهيمُ روحي في الظُلمةِ
تبحثُ عن نجمِك:
وحدتي طريقي إليك.
***
لا أريدُ سوى أن تكونَ معي
في السريرِ أو على الشرفة
حين يطلُعُ الفجر.
***
لماذا تركتَ لي نظراتِكَ
تلاحقُني في زوايا البيت؟
لماذا لم تأخذْ كلَّ أشلائِكَ
وما تبقّى من أمل؟
***
ما بالُ ذاكرتي
كلّما هرِمَتْ
ازدادتْ حدّةً؟!
***
تغيبُ لياليَ طِوالاً
لكنّي أعرف أنّكَ ستعود
في نغمةٍ أو نسمة،
في التفاتةِ غريبٍ أو غيمةٍ عابرة...
إلى لقاءٍ قريب!
***
أرسلُ لكَ قبلةً
قبلَ أن أنام؛
أغمضُ عينيّ وأحسُّ بشفتيك
تطبعانِ قبلةً على خديَّ الأيسر:
هكذا يبدأُ الحلمُ كلَّ ليلة.
***
بكلِّ صمت العارفينَ أحبُّك،
وبكلِّ شقاءِ الصمتِ أعرفُ
أنّكَ تحبُّني.
***
يعرفُ الجميعُ أنّكَ مُلهمي
وأنّكَ حبّيَ الأوحدْ.
ما لا يعرفونهُ
هو أنّكَ كذلك
حُلُمي الأزليُّ الذي أجترُّه بصمت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق