فنانة كبيرة في رحلتها الفنية وعطائها من القلائل اللاتي حظين ببدايات
قوية جدا على الشاشة الصغيرة فضلا عن السينما التي جعلتها محط أنظار
الجميع حتى ذاعت شهرتها في الوطن العربي.
فمن ينسى دورها بشخصية زينب في العمل الدرامي الكبير "الشهد والدموع"
ومن لم يتذكر دورها المتميز والمبهر في المسلسل الرائع "رافت الهجان" بدور
شريفة.
أنها الفنانة القديرة عفاف شعيب التي حلت ضيفة على مجلة الشبكة
العراقية اثناء تواجدها في بغداد مؤخرا فكانت معها هذه السطور.حب الناس
*مازال الجمهور العربي يتذكرك في العمل الدرامي الكبير "رأفت الهجان" هل تجدين صعوبة في التخلص من نجومية دورك فيه؟
-سأتكلم بصراحة وهذه شهادتي للتاريخ، انا كنت رافضة العمل في هذا
المسلسل ولكن فيما بعد احببته من خلال حب الناس له، لأنه كان دوراً صغيراً
وأنا كنت قبله اؤدي دورا كبيرا وصعبا في المسلسل الدرامي المعروف "الشهد
والدموع"، وليس دوراً سهلاً مثل ما أنيط بي بـ "رافت الهجان" وبحجمه
الصغير ولهذا تضايقت، ولكن مع عرض العمل كان الدور كان مؤثراً جدا عند
المشاهدين حتى عندما زرت اميركا ولندن وباقي الدول وجدت حفاوة وترحيباً
بهذا الدور فأحسست ان له اهمية ولهذا احببته من خلال الجمهور.
*من اقنعك اذن لتؤدي هذا الدور؟
-كان عليه مناقشات كثيرة جداً، وهنا لا انسى دوراً للكاتب الراحل صالح
مرسي فاتحني بالموضوع في البداية ولكني أعتذرت، وقال لا سوف تؤدين الدور،
وبعده فاتحني المخرج الراحل يحيى العلمي وقال لي ستؤدين الدور فضلا عن
مفاتحتي من قبل وزير الاعلام آنذاك صفوت الشريف وقال لي "لا يوجد اعتذار
انت ليس ممثلة تعمل الدور لقد تم وضع عدة أسماء وتمت الموافقة عليك فقط من
قبل المخابرات المصرية".
*بصراحة هل كانت دموعك حقيقية في هذا العمل؟
-نعم
لحظة اللقاء
*ما اصعب مشهد فيه؟
-لحظة لقائي بشقيقي ويجسدها الفنان الرائع "محمود عبد العزيز" ونحن
على الدرج وهو مشهد صعب على اساس أنني التقي به بعد سنوات فراق طويلة،
لدرجة ان وزير الاعلام الاسبق وقتها احمد انيس كتب رسالة احتفظت فيها قال
فيها "يا استاذة انت استاذة بمعنى الكلمة وهذا المشهد يجب ان يدرس في كل
الاكاديميات التي تهتم بفن التمثيل".
*هل تستهويك الاعمال الدرامية التي تختص بالجاسوسية؟
-مسلسل "رأفت الهجان" حالة خاصة، وقد حاولوا بعده ان يعملوا أعمالاً
تختص بالجاسوسية ألا أنهم فشلوا فيها لكونهم لم يعرفوا كيفية صناعة مسلسل
من نوع ناجح كهذا كونها تفتقر جميعها الى عنصر الشد والإثارة.
*ما السبب برأيك؟
-العمل يبدأ من الكاتب فصالح مرسي كان متخصصاً بالجاسوسية ويوحي في
كتاباته كأنه مولود في المخابرات المصرية ويعرف كل كبيرة وصغيرة وهذا يشكل
له نقطة قوة في ذكر التفاصيل الدقيقة ومعرفة تامة بما يكتبه ويقوله.
بيئة دينية
*من الفنانة عفاف شعيب الى الحاجة ما الذي تغير بين الاثنتين؟
-لم يتغير شيء فأنا نشأت في بيئة دينية وأهلي علموني منذ الصغر كيف
اصلي وأصوم فضلا عن الطقوس الدينية الاخرى خصوصا في اشهر معينة مثل رمضان
وشوال وذي القعدة وذي الحجة ومولد النبي وأمور كثيرة اكتسبتها من اهلي وهذه
كبرت معي، ولكن زادت الطاعة الحقيقة لله سبحانه وتعالى فليس من كل صلى صلى
ولا كل من صام صام انا بفضل الله احاول قدر الامكان ان ارضي ربي قبل العبد
لأنني في الاخر سأقابله هو وحده وليس العبد.
*يحسب عليك أنك مثلت مع جميع النجوم بدءا من محمود عبد العزيز واحمد زكي وآخرين اين وجدت عفاف شعيب نفسها؟
-الجميع كانوا جيدين وكل ممثل اكون معه اشعر أنني أقدم شيئا، وبصراحة
انا لدي اموراً معينة منذ اول ما بدأت في رحلة الفن كانت شروطي هي ممنوع
القبلات والأحضان وقائمة طويلة من الممنوعات، ولهذا لا يوجد أي حاجة تحسب
ضدي وهذه الشروط كانوا يحترمونها وأنا اقابلهم بالاحترام.
زمالة المعهد
*كيف كانت علاقتك مع الراحل احمد زكي؟
-أحمد زكي كان زميلي في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ السنة
الاولى ورغم انه قدم للمعهد قبلي ألا ان حظه كان سيئاً أذ لم يكن ينجح،
ولما أصبح بدفعتي كنت انا سبب بشهرته ونجاحه كوني كنت متزوجة من منتج كبير
ومعروف وهو رياض العريان، وكان احمد لم يتخرج بعد ويعمل في مسرحية "مدرسة
المشاغبين" وكان يمني النفس ان يعطى ولو فرصة واحدة، وكان هنالك مسلسل
ينتجه زوجي اسمه "بستان الشوك" وكان يبحث عن ممثل يجسد دوراً فيه فقلت له
خذ احمد زكي قال: لا اعرفه، قلت له: انه يمثل حاليا في مدرسة المشاغبين،
قال: لا والف لا لكنني أصرت وقلت له: انه شاب جيد، واذا به يصر على رفضه،
فقلت له: اعطه ولو فرصة.
وبمرور الايام وجد زوجي ان الفنانين اتجهوا كلهم للامارات وتونس ولندن بسبب الانفتاح وقتها وكلهم انشغلوا بالسفر ولم يجد احدا للدور.
فطلب مني أن أحضر احمد زكي فقلت له وقتها: على فكرة انه سيكون في يوم
من الايام نجماً معروفاً جدا والكل سيجري خلفه ولن يقبل التعامل مع أي احد
منكم فلم يصدق كلامي.
وإذ به ينجح بامتياز في المسلسل، فجاءت الكاتبة الراحلة امينة الصاوي
وقالت اريده وكان وقتها يسكن في فندق صغير فاخبرته بذلك فاتصلت به وقالت له
تعال بسرعة وأخذته للمخرج الراحل يحيى العلمي للاتفاق على عمل مسلسل
"الأيام" لتجسيد شخصية طه حسين، ليحقق النجاح ويلفت الانتباه له فانطلق
بعدها لعالم النجومية.
فنان موهوب
*من اين كان لك هذا الاصرار عليه؟
-لأنه موهوب منذ أن كان معي في المعهد حيث رأيت فيه ما لم يره الآخرون
لقد كان في السنة الاولى يقوم بتقليد عبد الحليم حافظ حتى في غنائه فضلا
عن شخصية انور السادات وجمال عبد الناصر الثلاثة يقلدهم بشكل رهيب، ولهذا
نجح في افلامه عندما جسد شخصيتي السادات وجمال عبد الناصر، ولما اراد تقديم
شخصية عبد الحليم زارني في البيت قال انا سأمثل شخصية "حليم" قلت له: كلا
لا تعمل الدور فقد أحسست بألم في قلبي وقلت له هذا فأل وحش بالنسبة لك ولا
اعرف لماذا تنبأت بأنه نهاية لحياته، ولا ادري لماذا انتابني هذا الإحساس
أما هو فقد استغرب وقال لماذا تقولين هذا الامر.
*كم مرة زرت بغداد؟
-أكثر من مرة فأول مرة حضرت كانت بمناسبة مهرجان بابل عام 1987 وفي
عام 1988 عرضت مسرحية "ابن البلد" في بغداد ونجحت نجاحاً كبيراً، فضلا عن
زيارتي على هامش فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013.
التمثيل الصامت
*باعتقادك هل نجح مهرجان بغداد الدولي للمسرح؟
-انا اسجل اعتراضي على عروض "البانتومايم" او ما يسمى العروض
التعبيرية أو التمثيل الصامت لأنها في غير مجالها نحن نعمل مهرجان للمسرح
وبالتالي نقصد به المسرح المتكلم الذي يخاطب الجمهور، مع ذلك أجد إن إقامة
المهرجان وسط الظروف الصعبة التي يشهدها العراق وكذلك المنطقة التي تحيط به
هو مجهود عظيم.
*للعراقيين والمصريين ماذا تقولين؟
-للعراقيين أقول انتم شعب طيب ومضياف وكريم شعب يحب الحياة والفن
خصوصا الفن المصري ونحن نحبكم ونقدركم ولهذا انا ازوركم دائما من حبي
أليكم.
وأقول لمصر ستبقين ام الدنيا وان شاء الله امة مستقرة وكذلك العراق
يظل امناً ومستقراً وسائر بلاد المسلمين ان شاء الله يعم الامن والخير
والسلام ويجب أن نحب بلادنا.