السبت، 29 مارس 2014

رؤية بعين الملاك الطائر.../ د. محفوظ صليب ../ محرر صحيفة فنون ../ الفنان .../ ابراهيم ارت .../ مصر .....

صحيفة فنون الالكترونية

متابعات فنية

محرر صحيفة فنون / الكاتب والفنان / ابراهيم ارت / مصر ....

رؤية بعين الملاك الطائر

د. محفوظ صليب

في معرض "أصوات" لصباح نعيم - بينما الأحداث تتوالى وتحتدم في صخب, والقلق يتزايد والاضطرابات في كل مكان - تأخذنا أعمال المعرض في رحلة خلوية جميلة .. تتسلل إلينا في هدوء السلام, وسكينة النفس المطمئنة .. ندخل إلى عالم مرسوم بمداد التفاؤل وألوان البراءة, في تنغيمات عذبة رقراقة نقية .. تأسرنا صباح في عالمها وتستحوذ على مشاعرنا, فنندمج فيه, وننسى ما كنا عليه، وكأننا خلعنا على أعتابه ثياب الكرب واليأس, وتوضأنا بأضواء طاهرة ربانية, تحمل معها تراتيل ملائكية تتردد في أجواء كونية .. ونتأمل الأعمال في خشوع العابدين, نتنقل بين الأعمال, نتساءل في لهفة الحائرين, ما هذه؟ وما تلك؟، وبينما تتسلل اضطراباتنا منا نهدأ وندقق الفحص البصري, نستكشف عالم صباح نعيم ونتعرف على رؤيتها الإبداعية, ومداخل إنجازها المتفوق .. مدخل الرؤية الفنية هو استخدام منظور عين الطائر المحلق, حيث ترى الأشياء من أعلى في أحجام متناهية في الصغر وبأعداد كبيرة .. فنلاحظ رسمها لجميع المفردات النباتية - التي استخدمتها في كل اللوحات - رسمت بكثافة عددية بوضعيات مسطحة, في منظومات إيقاعية منغمة بتكرارات تنتشر بتنوعات محكمة القيادة, في مصفوفات تتابعية, في دوائر أو في رباعيات أو في انتشار تناثري .. اختارت الفنانة صباح مفرداتها الزهرية من حديقة شاعرية رسمتها بحس مرهف, بدقة ومهارة فائقة بأعداد هائلة على مسطحات كبيرة - وكذلك الحال في مفرداتها المختلفة الأخرى -, تتطلب إرادة حديدية في التحكم والسيطرة, والقدرة الفائقة على ضبط الإيقاع .. وأرى أنها بهذا الأداء، حققت رؤيتها الفنية في التعبير عن الواقع المضطرب بأسلوب إبداعي مختلف عن مسارات التفكير الإبداعي الأخرى, الذي اسميه التفكير العكسي - الذي كان له إنجازات مهمة في تاريخ العلم والفن - فقد استطاعت بأدائها الدقيق في تحكمه وانضباطه الذي لا يمكن أن يتحقق بهذه النضارة المبهرة إلا من خلال روح نضالية عظيمة تتحدى أي ا
ضطراب أو قهر - وهذه الرؤية تذكرنا بمنهج النضال السلمي للمهاتما غاندي - تستعيدها الفنانة صباح في معرضها لتذكرنا بأن للنضال من أجل السلام إبداع وإرادة صمود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق