الجمعة، 30 مايو 2014

وميض في الظلمة للشاعر " فرج الحطاب " في ديوانه " هواءُ ... قلق " .../ قراءة .../ الكاتب والفنان .../ قاسم ماضي .../ اميركا

صحيفة فنون الالكترونية
وميض في الظلمة للشاعر " فرج الحطاب " في
ديوانه " هواءُ ... قلق "
الحروب
كم صاروخ أطلق
لأنير هذا الظلام
ص34
شاعر يدونُ خلجاته على الورق الأبيض ، عبر مفردات تأخذك إلى ممرات ودهاليز مظلمة ،وكأني في مشاهد وحشية من أفلام الرعب والخوف عند " هتشكوك " وقائع الظلم والإستبداد تتراءى أمام هذا الشاعر المبدع الذي ينبض حباً وصدقاً كما أبناء مدينته التي ولدُ فيها ، وهو يغوص في البحار ليُخرجَ اللؤلؤ من داخل عمق البحر ويوزعه هدايا على أبناء شعبه الذي أضطهده الدكتاتور عبر حروبه التي لا تنتهي ،
كأنه كيس نفايات قديم
قديم ونتن
أتمرغ في الألم
ويصر على غبائه
كأنه حمار
وكأني طفل ص6 قصيدة الديكتانور
والحطّاب " الهارب من الدكتاتورية في فترة التسعينيات ظل حاملاً قدراته على ظهره بعيداً عن وطنه ، وهي قدرات درامية مأساوية وخير دليل عندما حوّلنا قصائده إلى عرض مسرحي أيام الحصار والخوف ,اسميناه " كوخ -الكائن - دمو " وقُدم في عمان وعلى مؤسسة شومان ، وقصيدته الشعرية بوصفها موقفاً يعبرعن الجرأة والتضحية لتجسيد مبدأ الحقيقة والقناعة ،الذي خطه عبر قصائده التي لا تموت ، وهذا الأستنتاج كما يقول " اليوت " اللغة كائن حي " وكما أحسست ومن خلال قصائد الديوان الصادر عن " دار الواح " عام 1999 ،وهو من القطع الصغير ويقع في 66 صفحة ، بصراعه مع نفسه التي أبحرت في عالمها الخاص وهو البحث عن حياة الانسان وكرامته ،واللغة البصرية التي يستخدمها في هذا الديوان شاهدة ومعززة دورها في الادانة والشعور الداخلي لمعاناته التي سببت له هذا الداء ، وكما يقول المترجم " ميّسر الخشّاب " بعد أن تعمقت ملامح القصيدة الحديثة ، وصُعبَ نقلِ عواطفنا ورؤيتنا وهواجسنا بعفوية بسيطة في الشعر العمودي ،
هذا الرصاص
الرصاص الذي يزأر
يبحث عن رؤوسنا
كي يقبلها ص43
شعرية معتمدة على التكثيف البصري ، وهو بالتالي محاولاً أيجاد معانٍ أكثر انفلاتاً تخدم ما يصبو إليه ، فالفكرة باقية التي من خلالها تكتب القصيدة ، وكما يقال " الناس ظلال وأنماط باهتة زائلة " بالرغم من الحياة القاسية التي عاشها " الحطّاب " وكلنا نعلم أن قسوة الحياة ، لا تفرق بين غباء مزمن ، ووهج مشاعر مرهفة معبرة ، وكذلك بين السخف والإبداع ، جاعلاً من قصيدته التي يشتغل عليها لحظات مستمرة من التوتر ، وهذا ما قلناه عنه في البداية ، وهو يصنع لنا لقطة ، بلقطة ، وهو على نهج العديد من الشعراء الفاتحين للأجيال القادمة كوى من الحب والنور والحرية ، وبهذا ينظر إلى عوالم جديدة بعيدة كل البعد عن الظلم والموت والقهر الذي أراده الطاغية ،
نحن الخارجون من
التوابيت
ومن أكوام الرماد
نزيل غبار الأزمنة ص47
ويكمل ، ليقول لنا وهو على قناعة تامة بإن هذه المأساة التي تحطينا ، وتتلاعب بكل مقدراتنا كبشر خلقنا الله سواسية ، ومن خلال الأدراك الذي يحمله في عقله وقلبه ظل يصارع نرجسيته ، لأنه منطلق من جموع البشر التي أراد لها الله أن تكون واحدة ،
لست يائساً
ها أنا أحلق كبالون
الوًح لسنيني العاطلة
بقي أن نذكر لأنه نفث أنفاسه الأولى في ميسان ، ولأنه عاش في بغداد منذ سن السابعة ، ولأنه أمضى أكثر من ثلاثين عاماً في العراق ، كان لابد للشاعر " فرج الحطاب " أن يكون رجلاً شجاعاً وحذراً ، وسبق أن صدر للشاعر " سيول آليفة " عام 1996 ، " لصوص " 1997 ، " الرؤيا الان " بيان شعري 1997 ، " الشعر العراقي الان " بغداد 1998 ، " القبور تهاجر " بغداد 1998 .
قاسم ماضي – ديترويت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق