الوطن الآن
مدير النشر: عبد الرحيم أريري. العدد 550
الخميس 23 يناير 2014
الفنان ميلود الحبشي ينتظر "عطف سيدنا"
الفنان المسرحي ميلود الحبشي
ابني كتب رسالة إلى
صاحب الجلالة ....
وأنا أنتظر عطف سيدنا
هو فنان مسرحي قدير، كان المسرح ولا يزال الوسيلة الفنية التي يبدع من
خلالها لوحات تمثيلية مؤلفا ومخرجا وممثلا، يعتمد في تقنيات إخراج العروض
المسرحية على الإبهار إذ يمكن أن تشاهد في عروضه المسرحية محاكات واقعية
لجرافة تتحرك وقنينة غاز تنفجر داخل الركح، وحائط يتهدم و مروحية تطير في
علو منخفض لتهبط وتنزل منها ممثلة. كانت بدايته الاحترافية خلال تخرجه من
المعهد البلدي سنة 1975 رفقة فرقة الطيب الصديقي. ما زال مستمرا في
الانتماء لأبي الفنون رغم ما ذاقه في السنين الأخيرة من معاناة وتضييق
وتهميش. تعرض مؤخرا لحادثة سير مؤلمة يقول إنه نجا منها بأعجوبة، مضيفا أنه
عاش ويعيش بعدها آلاما نفسية وجسدية، التقته
' الوطن الآن ' وأجرت معه الحوار التالي:
حاوره : رشيد صفر .........................................../
• بداية حمدا لله على سلامتك. كيف هي الآن حالتك الصحية بعد تعرضك لحادثة
سير ؟
ما زلت أعاني من مخلفات الحادثة، والكسور لم تشف بشكل تام، بحكم تقدمي في
السن. لقد أصبت بست كسور، 2 في في الكتف و2 على مستوى الظهر و2 على مستوى
الخصر، كما أصيب قلبي بمضاعفات خطيرة وأصيبت أمعائي بفعل الرجة القوية خلال
الحادثة. مكثت مدة طويلة دون إجراء عملية جراحية بسبب هذه المضاعفات،
وأحمد الله على ما أصابني. أنا الآن بعد العلاج الأ ول لا أستطيع التنقل
والمشي بشكل طبيعي كما في السابق، وقد منعني الطبيب من الحركة على
والإجهاد نفسي.
• أثناء وقوع الحادثة ك نت في الطريق لتصويرعمل فني مع شركة إنتاج
خاصة، هل تكلفت بمصاريف علاجك بعد الحادثة؟
نعم الشركة هي من تكلفت بمصاريف العلاج، لقد حاول أشخاص استغلال الحادثة
للقول بأني لا أتوفر على مال للعلاج وحاولوا جمع مساهمات باسمي لكني رفضت
ذلك، لأن الشركة تكلفت بالعلاج وأنا أيضا غطيت من جهتي بعض مصاريف العلاج،
فعائلتي كانت تصرف علي، وحالتي كانت خطيرة جدا والشركة لن تستطيع التكلف
بكل شيء.
• (مقاطعا) لكن أنت كنت في طريقك للعمل لفائدة هذه الشركة وهذه حادثة وقعت
لك في الطريق إلى الشغل ويمكن اعتبارها حادثة شغل؟
في الواقع لم أحصل على تعويض، لكني أشكر الشركة لأنها لم تتخل عني، كما
يقع في حالات كثيرة مشابهة. أنا أعلم أني ضحية حادثة سير لم أخترها ولم أكن
أتمنى الوصول إليها. والأمر الصعب خلال وقوع هذه الحادثة هو أنها تزامنت
مع انتاجي لعمل مسرحي وكنت أستعد لدفعه للدعم. وأضيف أن كل ما حصلت عليه من
تعويض في فيلم "حياة في الوحل" الذي قدم بالقناة الأولى، غطيت به ديونا
كانت بذمتي ومصاريف العمل المسرحي المذكور. وهذه هي الطريقة التي أشتغل
بها، إذ كلما أردت إنتاج عمل مسرحي أقترض نقودا، وبعد ترويج العمل المسرحي
أقوم بأداء تلك الديون, إنني لا أحصل على دعم مستمر من أي جهة.
• ألم يسبق لك الحصول على دعم وزارة الثقافة؟
مرة واحدة منذ بدايتي إلى غاية اليوم، خلال فترة الوزير محمد الأشعري،
والبقية كانت عبارة عن "ترويج" بمبلغ هزيل جدا، ويتبعه تقديم عروض مسرحية
بمناطق بعيدة عن المدينة التي تقيم فيها الفرقة، (8000 درهم من الدار
البيضاء إلى وجدة) مع إلزام الفرقة بتقديم العرض بالمجان، لقد حرمت من
الدعم المسرحي مؤخرا وهو ما جعل سفينة مسرح الشعب تتوقف اضطراريا.
• وما هو تبرير رفض دعم مسرحية "البلومبي"؟
بالفعل إنها مسرحية "البلومبي" وتتطرق لقصة "رصاص" كبير السن في علاقته
بالعنوسة، وموضوعها اجتماعي بطريقة كوميدية هادفة، تعالج قضايا مرتبطة
بالواقع المغربي المعاش، ثم رفض دعم هذه المسرحية بدعوى تعدد المهام، لأنني
مؤلف ومخرج وممثل داخلها. وهنا أتساءل باستغراب هل نوجه ملفات طلب الدعم
لمديرية الفنون والدعم أم لـ "مديرية الرقابة على الفنون"؟ لا يحق لأي أحد
أن يمنعني من ممارسة مهام فنية لكي يقدم لي دعما من المال العام وباسم
الوزارة الوصية. لقد أجابوني أنهم يريدون تشغيل أشخاص آخرين وكان ردي أني
أطالب بتعويض عن مهمة واحدة وأتبرع بتعويضات المهام الأخرى لجلهم معيات
أخرى... ليس الحق أن يحرموني من الإبداع أو كبت ملكت الإبداع بداخلي. وأن
يصنعوا مني في نهاية المطاف فنانا يجري وراء النقود تحت الطلب، وينفذ كل ما
طلب منه دون مناقشة أو كرامة.
• كانت فرقة "الشعب " (التي برزت داخلها كمؤسس ومؤلف ومخرج وممثل) نشيطة
وتقدم عروضها للجمهور بشكل وفي. ما سر غياب الفرقة عن الساحة وقلة عروضها؟
السبب يمكن تلخيصه في سوء قراءة وتشخيص وتدبير وزارة الثقافة للقطاع
المسرحي. صراحة هناك أناس "في كرشهم العجينة" موظفون يتعاملون بحقد. فدعم
المسرح لما تم تنزيله كان يجب أن يتم دعم من يشتغل في المسرح وليس من هو
جالس ويريد أن يشتغل. هناك خلط منذ بداية الدعم. وما نسمعه خلال إثارة هذا
النقاش هو أن العملية تخضع للسياسة. إنهم يتنافسون أن الأمر يتعلق بالتعامل
الراقي مع تراث وثقافة وأساليب فنية . يجب تدعيم من هو موجود في الساحة
الفنية ثم تشجيع من هو آت. اليوم الكل يشتغل بدون معايير مضبوطة. وفي
الماضي القريب كنا نروج بضاعة فنية باحترام، وكانت المداخيل جيدة والجمهور
حاضر بقوة. وبالموازاة مع ذلك كان يشتغل مع المسرحي التقني والمطابع
والمطاعم ووسائل النقل..... لقد تم تدمير القطاع المسرحي الاحترافي. هناك
فرق حاصلة على الدعم تختار ممثلا أو ممثلين معروفين، ويضيفون آخرين غير
محترفين ويقدمون العروض بالمجان.
• ما المشكل في ذلك؟
إنهم يقولون نعطي فرصة للشباب وفي حقيقة الأمر يقدمون لهؤلاء مبلغا زهيدا.
المشكل الكبير هو لنفترض أنه في نفس المنطقة عرض احترافي بالمدخول، وآخر
يضم وجوها معروفة والدخول بالمجان، المواطن حتما سيختار العرض المجاني
(المعروضة من الخير) مثل هذه الحالات عجلت بتدهور المسرح ، وكانت ولا تزال
علامات على قتل الاستثمار الفني وكبح تطور عجلة المسرح ومستواه. أضف إلى
ذلك أن شركات كبرى نافست المسرح بالمصطفات الساحلية وأصبحت تقدم سهرات
وصبحيات فنية بالمجان دون إشراك الفنانين الحقيقيين والنقابة، بما أن هذه
الشركات، مثلا، تجلب فرقا موسيقية ومغنيين وتمكنهم من الدعم والدعاية،
لماذا لا يفكرون في دعم ثلاث فرق مسرحية على سبيل المثال وتنظيم جولات لهذه
الفرق حتى تعم الفرجة المسرحية ويدعم المسرح.
• بما أنك ضحية حادثة سير ولا تشتغل حاليا، كيف تتدبر مصاريف الحياة؟
لقد اخترت المسرح والفن، وأنا الآن أتحمل تبعات اختياري. لقد وقفت خلال
هذه الحادثة على واقع مزري أعانيه بسبب قلة ذات اليد. ديوني متراكمة،
أبنائي لا أريدهم أن يكونوا ضحية لاختياري مجال المسرح في الوقت الذي اختار
آخرون قضاء مصالحهم والبحث عن الوظائف والامتيازات.... لست مجرما رغم أن
المجرمين يتم دمجهم المجتمع. وأنا مغربي مستعد للدفاع عن بلدي بالسلاح. لست
منتميا لأي حزب سياسي. أنا فنان مسرحي. أنا من الناس وللناس، عندما وقعت
لي الحادثة المؤلمة ابني (الذي يشتغل بصفة حرة داخل الميدان الفني وله
ابنين وله أيضا مشاكله الخاصة) كلما حضر للاطمأنان على حالتي يجدني صريع
الألم والمعاناة وقلة ذات اليد، مما جعله يكتب رسالة إلى صاحب الجلالة محمد
السادس. وأنا أنتظر عطف سيدنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق