اثر التغير الاجتماعي على القيم في عصر المعلوماتية
(مقالة انثروبولوجية اجتماعية)
بقلم : فاطمة الهادي
شهدت دول العالم خلال العقدين الماضيين تغييرات في العلاقات والبنيات والقيم الاجتماعية ممثلة بداية لإعادة هيكلة البناء والأنساق الاجتماعية في دول العالم بتأثير من الإعلام العالمي ، ونمو وظهور المجتمعات متعددة الثقافات نتيجة لحركة النزوح والهجرات السكانية داخل وبين الدول ، وتغير في المفاهيم المتصلة بالأسرة والمنزل ، ودور الشباب ودور الكبار ودور المرأة ، والعلاقات الاجتماعية ، مما نتج عنه واقع جديد للهيكل والنسق الاجتماعي في كل دول العالم.
تشير الدراسات إلى أن التغيرات التي تمر بها المجتمعات عبر التاريخ ما هي إلا محصلة لتغيرات في خصائص الوحدات الاجتماعية التي يتكون منها المجتمع ، وما من شك في أن المجتمع هو الآخر جزء من تنظيم أكبر مثل المجتمع الإسلامي، أو العربي، أو العالمي وقد تتحد هذه الوحدات جميعها في تنظيم اجتماعي واحد كالمجتمع، وقد تتفرق مكونة كل واحدة منها تنظيما اجتماعيا مستقلا بذاته تقريبا، وبهذا تكون لكل وحدة اجتماعية أهدافها الخاصة بها، ولها حدودها التي تميزها اتصالاتها الذاتية، في حين تشترك مع غيرها من الوحدات الاجتماعية الأخرى في أهداف وحدود واتصالات مشتركة.
ونتيجة لظاهرة التغير الاجتماعي تغيرت بعض عناصر ثقافة المجتمعات البدوية والريفية ، إلا أنها تأثرت بالتعليم ووسائل الاتصال المختلفة ، مما نتج عنه تغير في العادات والتقاليد التي تقف في وجه التغير في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد داخل الأسرة ، حيث قلت سلطة الأب عما كانت عليه في الماضي نتيجة لانتشار التعليم وانشغال الأب فترة طويلة خارج المنزل ، وتغير ظروف الأسرة حيث أصبح الأفراد يشاركون في اتخاذ القرار مع الآباء ، كما أدى التغير في مركز المرأة ، فحصلت على حقها في التعليم ، والعمل ، وحصل تغير في نوعية العلاقات بين الزوج والزوجة .
إذاً فالتغير الاجتماعي حقيقة وضرورة حتمية تقتضيهما طبيعة المجتمعات المعاصرة ؛ وليس كل تغير اجتماعي لابد وأن يسير في الاتجاه الصحيح ؛ إذ يلاحظ أن التغير الاجتماعي قد طال بآثاره السلبية أيضاً نسق العلاقات الاجتماعية التقليدية. فقد لوحظ قلة احترام الصغار لكبار السن، ولوحظ تراجع دور الأسرة الممتدة في عملية التنشئة الاجتماعية، ولوحظ تراجع القيم والمعايير كوسائل ضبط للسلوك الاجتماعي .
فعملية التغير في القيم الاجتماعية ليست مجرد إضافة ميكانيكية أو إقصاء لبعض الأنماط والسمات السابقة بطريقة كمية ، وإنما هي إلى جانب ذلك عملية إضافة وتعديل لمسافات ثقافية مختلفة ، فكثير من معالم الثقافة الريفية تتغير وتتحول بفعل عملية التحديث والتنمية واستخدام العلم ونقل التكنولوجيا والاتصال والتواصل مع ثقافات أخرى خارج نظام القرية ، فالتعليم والإعلام كانا من أقوى العوامل التي نقلت الإنسان الريفي من عالمه الضيق المحدود إلى عالم أوسع وأرحب ، ويكون التغير المادي سريعاً إذا ما قورن بالتغير المعنوي وهذا يعود إلى سيطرة العادات والتقاليد ، ومقاومة التغير لأي نسق قيمي يمكن أن يؤدي إلى قلقلة الأسس التي يقوم عليها ، والأفكار والقيم هما آخر ما يستجيب إلى التغير .
فاطمة الهادي
(مقالة انثروبولوجية اجتماعية)
بقلم : فاطمة الهادي
شهدت دول العالم خلال العقدين الماضيين تغييرات في العلاقات والبنيات والقيم الاجتماعية ممثلة بداية لإعادة هيكلة البناء والأنساق الاجتماعية في دول العالم بتأثير من الإعلام العالمي ، ونمو وظهور المجتمعات متعددة الثقافات نتيجة لحركة النزوح والهجرات السكانية داخل وبين الدول ، وتغير في المفاهيم المتصلة بالأسرة والمنزل ، ودور الشباب ودور الكبار ودور المرأة ، والعلاقات الاجتماعية ، مما نتج عنه واقع جديد للهيكل والنسق الاجتماعي في كل دول العالم.
تشير الدراسات إلى أن التغيرات التي تمر بها المجتمعات عبر التاريخ ما هي إلا محصلة لتغيرات في خصائص الوحدات الاجتماعية التي يتكون منها المجتمع ، وما من شك في أن المجتمع هو الآخر جزء من تنظيم أكبر مثل المجتمع الإسلامي، أو العربي، أو العالمي وقد تتحد هذه الوحدات جميعها في تنظيم اجتماعي واحد كالمجتمع، وقد تتفرق مكونة كل واحدة منها تنظيما اجتماعيا مستقلا بذاته تقريبا، وبهذا تكون لكل وحدة اجتماعية أهدافها الخاصة بها، ولها حدودها التي تميزها اتصالاتها الذاتية، في حين تشترك مع غيرها من الوحدات الاجتماعية الأخرى في أهداف وحدود واتصالات مشتركة.
ونتيجة لظاهرة التغير الاجتماعي تغيرت بعض عناصر ثقافة المجتمعات البدوية والريفية ، إلا أنها تأثرت بالتعليم ووسائل الاتصال المختلفة ، مما نتج عنه تغير في العادات والتقاليد التي تقف في وجه التغير في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد داخل الأسرة ، حيث قلت سلطة الأب عما كانت عليه في الماضي نتيجة لانتشار التعليم وانشغال الأب فترة طويلة خارج المنزل ، وتغير ظروف الأسرة حيث أصبح الأفراد يشاركون في اتخاذ القرار مع الآباء ، كما أدى التغير في مركز المرأة ، فحصلت على حقها في التعليم ، والعمل ، وحصل تغير في نوعية العلاقات بين الزوج والزوجة .
إذاً فالتغير الاجتماعي حقيقة وضرورة حتمية تقتضيهما طبيعة المجتمعات المعاصرة ؛ وليس كل تغير اجتماعي لابد وأن يسير في الاتجاه الصحيح ؛ إذ يلاحظ أن التغير الاجتماعي قد طال بآثاره السلبية أيضاً نسق العلاقات الاجتماعية التقليدية. فقد لوحظ قلة احترام الصغار لكبار السن، ولوحظ تراجع دور الأسرة الممتدة في عملية التنشئة الاجتماعية، ولوحظ تراجع القيم والمعايير كوسائل ضبط للسلوك الاجتماعي .
فعملية التغير في القيم الاجتماعية ليست مجرد إضافة ميكانيكية أو إقصاء لبعض الأنماط والسمات السابقة بطريقة كمية ، وإنما هي إلى جانب ذلك عملية إضافة وتعديل لمسافات ثقافية مختلفة ، فكثير من معالم الثقافة الريفية تتغير وتتحول بفعل عملية التحديث والتنمية واستخدام العلم ونقل التكنولوجيا والاتصال والتواصل مع ثقافات أخرى خارج نظام القرية ، فالتعليم والإعلام كانا من أقوى العوامل التي نقلت الإنسان الريفي من عالمه الضيق المحدود إلى عالم أوسع وأرحب ، ويكون التغير المادي سريعاً إذا ما قورن بالتغير المعنوي وهذا يعود إلى سيطرة العادات والتقاليد ، ومقاومة التغير لأي نسق قيمي يمكن أن يؤدي إلى قلقلة الأسس التي يقوم عليها ، والأفكار والقيم هما آخر ما يستجيب إلى التغير .
فاطمة الهادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق