الثلاثاء، 29 أبريل 2014

الحقيقة .. ق.ق.................... بقلم الاديب محمد لفطيسي / المغرب



اليوم الوطني للقصة القصيرة
الحقيقة



لم تكن الا رجلا يحمل اسما أكبر من واقعه المبتذل، حارس سيارات بالوالدية قرب البحر مباشرة، هو عنوانه الكبير الذي يدل على الذين يعرفونه؛ له شبه وجه مضغوط، وكأن الأعلى ينادي الأسفل، والأسفل يتجه الى فوق؛ مما أحدث انعراجا على مستوى تمثل شكل الواجهة.
ولكن الأذن التي يملك أقرب دلالة على عمله الحراسي، يسمع الذباب طائرا، أما النحل فله معه قصة وخز عجيبة، جعلته الأيام يسمع أكثر مما يجب، يجمع أخبار القوارب الصائدة، ونوع الحوت المصيود، وثمن التنافس الواجب. هو سمصار غير معلن، وان أعلن نفسه سيفقد الكثير مما تختمره نيته الطيبة.
قد تكون الشواطئ عامرة بأهلها، ولكن الوالدية عامرة بالحقيقة التي ينشرها، فعنده ثمن الفلل والشاليهات والشقق والغرف، وثمن الخبز والمحارات والوجبات والمقاهي والمطاعم؛ ولنقل لائحة أسعار متنقلة. لم تكن رغبته ليكون حقيقة متفردة، ولكن ابتذال الحقائق الزائفة أمامه، حوله الى قلعة حصينة ضد الاخفاء ونكاية في الاتلاف والجهر.
قد تستمتع بالبحر وزرقه، وبالاصطياف وغمرته؛ ولكن لن تكون في عمق الحياة اذا لم تكلم الحقيقة وتنهل منها. المارون من هناك يأخذون صورا معه، لتصبح الحقيقة عملا مجسما على أرض الواقع. العديد من الشخصيات العالمية ـ بالمفهوم المغربي المتداول ـ وقفت مبهورة أمام حقائق الرجل، تستهدف عمق ما عرف، وما يحمل من أسرار وألغاز؛ منها ما هو قابل للتداول، ومنها ما هو مخفي في علب السرد الممنوع...
كان حقيقة وظلها، بينما الحقائق التي عاشت الى جانبه، أفزعها أن يتحول الى رمز وأسطورة؛ وتعيش لاغية، لايعترف لها الا بمرورها الزائف عبر خيال البشر.
الوالدية...28..04...2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق