الفكرة
الجزء الثاني
وبعد ان حددنا الفكرة المقبولة والممكن تناولها ولكي نحدد البناء الموضوعي لهذه الفكرة وماهية ذلك البناء علينا ان نتعرف على مصادر الكاتب للافكار وطرق الحصول عليها . 1- ثقافة الكاتب ومعرفته بتفاصيل حياة مجتمعه او المجتمع الذي يريد ان يقدم موضوعا عنه . 2- وسائل القراءة : ماينشر من روايات وقصص ومن كتب التاريخ وعبر الصحف والمجلات من حكايات واحداث يمكن ان تحرك مشاعر الكاتب وتستوقفه وتثير فضوله فيتناولها بالنقاش والتحليل . ويخضعها بقدر انسجامها مع ماذكرناه سابقا لتكون موضوعته حتى ولو كانت عبارة عن قصاصة ورق يصادفها على الطريق .
3- وسائل مسموعة : التراث الثر والحكايات والامثلة والحكم وغيرها التي تدفع الكاتب لان يفكر في ما يسمع هنا او هناك ليكون صورة او عدة صور وبالتالي فانه يتبنى هذه المقولة او تلك الحكاية حتى لو كان حديث سمعه يدور بين شخصين في حافلة نقل عمومي .
4-مشاهدات : بعض الاحيان من خلال حدث عارض يحدث امامه ومن كثير من الصور التي يشاهد يوميا او ما علق بذاكرته منها لتقفز احداها وتكون مادة تداعب خياله وتتراقص امامه كفكرة قابلة للتناول وتحويلها الى عمل درامي .
5-التكليف : وهنا لا علاقة للكاتب بالفكرة اطلاقا لانها تأتي جاهزة من قبل جهة الانتاج او اية جهة اخرى ليضع عليها بصماته ويصب حصيلة درايته وثقافته في بناء موضوعتها . حيث تعرض على الكاتب فكرة ما ويطلب منه معالجة هذه الفكرة وتحويلها الى عمل درامي تلفزيوني .
وغالبا ما تكون هذه الاعمال من الاعمال الدرامية التوجيهيه او التعليمية او حتى الاعلانية وغالبا ايضا ما تكون موسميا او مرحلية ( عمل مناسبات ) وهي التي تحدد بهدف معين لصالح جهة محددة والتي غالبا ما تسبق حدث ما او تمهد لحدث كحملات توعية اجتماعية او صحية او سياسية او ثقافية وتواكبه . واكثر انواع هذا التكليف هو تقديم اعمال بسيطة على الاغلب ولا تخضع لمقومات الدراما بقدر ما تخضع لخدمة هذا الجانب وهذه المرحلة بشكل درامي مقبول .
كما في تناول حادثة معينة او شخصية ما وغير ذلك . فمن الممكن مشاهدة رجل مسن يمد يده استجداءا وبعض النسوة والمارة يمدن له يد المساعدة . هذه الصورة يمكنها ان تطلق العنان لخيال الكاتب او أي شخص وفق تصورات يرسمها لهذا الرجل وبحرية ليكون على سبيل المثال هذا الرجل بخيلا يجمع النقود ويرزمها رزما ضاحكا على الذين يدفعون بحسن نية من عرق جبينهم ويتندر بهم كأنهم مغفليون عندما يعود مساءا الى البيت ومن ثم بالامكان صياغة قصة او حداثا مثلما تدفعنا هذه التصورات وكل حسب رؤيا خاصة به . فمن يفترض ان هذا الرجل قد افنى حياته وشبابه لكي يعطي لهذا المجتمع كل ما عنده وهاهو اليوم عاجز عن الحصول على قوته الا بهذه الوسيلة لكي يسد حاجته فما على المجتمع الا انتشاله وتكريمه ورفع الغبن عنه . او من يتصوره رجل محتال وهو يقف يستدر عطف الناس بهيئة تخالف هيئته الحقيقية لسد حاجات غرائزه مثلا . وهكذا فان باستطاعة كل كاتب ان يتناول هذه الصورة وفق مايريد تحقيقه من غاية لكي يبني عليها احداثه ويصوغ منها قصة ( حكاية ) والمنظر واحد ولكن تعددت التصورات ( المعالجات ) . وهذا المنظر الذي اختاره المشاهد دون العديد من المناظر التي تشخص امام اعيننا وتتنوع الصورداخل رأس الكاتب بياشكال تختلف عنه عند المشاهد العادي لانه يناقشها ويغور في تفاصيل مايتخيله ليتخذها نواة لتحقيق فكرة ما حسب قدراته الثقافية ووموهبته ونزعاته وخصوبة خياله ومن ثم الهدف والغاية التي يسعى لتحقيقها . والفكرة تبدأ بجملة وتنتهي بعدة كلمات او عدة جمل . مثلا : الحياة الكريمة لكل انسان . او من امثالنا الشعبية التي تقول ( اللي يجي بالسهل يروح بالسهل ). او (الخطوط المتعرجة لاتوصل لغاية ولو بعد حين ). وغير ذلك تأتي لتقف امام فكرتك تقلبها .. تتناولها .. وهذا يحتم على الكاتب السؤال ... من اين ابدأ ؟ الى اين انتهي ؟ وبمقدور الكاتب ان يخمن مسبقا وضع البداية او يبدأ من النهاية . ولكنه لايستطيع ان يضمن النهاية التي يريد .لان النهاية تتغيراذا ما جاءت مستجدات اثناء المباشرة في الكتابة او اثناءها بحيث تدخلت احداث اوشخصيان لم يستطع الكاتب ان يتحكم فيها والسيطرة على خط سيرها فتجبره على الانحراف عن ما رسمه وهنالك تكليف عكس ذلك تماما وهو في تقديم عملا دراميا كبيرا متميزا ولكنه ايضا محدد الاهداف والغايات من خطوط حتى توصله الى نهايات لايمكنه الحياد عنها او تجاوزها . وبعض الاحيان الى نهاية طريق مغلق يضطر الكاتب الى مراجعة ماكتب للخروج من هذه الضائقة وهكذا يكون في حالة قلق مستمر وهو قلق مشروع لانه الباعث على خلق مستجدات لتحقيق اهداف فكرته وغالبا ما يقف عند نهاية عمله ليدفع به جانبا اذا لم يمزقه وان كان عزيزا ليشرع من جديد . وهكذا حتى يصل الى الصورة التي يراها على انها هي الاجمل والاكمل وهي المثلىفي تقديم نتاجه بعد ان يستجمع الاراء التي يعتقد بانها قادرة على تقويم العمل من ناحية وابداء النصح من ناحية اخرى لكي يكون مطمئنا على سلامة فكرته وجودة عطاءه .
-------------------------------
من كتابي ( فن الكتابة ) طبع 2009
الجزء الثاني
وبعد ان حددنا الفكرة المقبولة والممكن تناولها ولكي نحدد البناء الموضوعي لهذه الفكرة وماهية ذلك البناء علينا ان نتعرف على مصادر الكاتب للافكار وطرق الحصول عليها . 1- ثقافة الكاتب ومعرفته بتفاصيل حياة مجتمعه او المجتمع الذي يريد ان يقدم موضوعا عنه . 2- وسائل القراءة : ماينشر من روايات وقصص ومن كتب التاريخ وعبر الصحف والمجلات من حكايات واحداث يمكن ان تحرك مشاعر الكاتب وتستوقفه وتثير فضوله فيتناولها بالنقاش والتحليل . ويخضعها بقدر انسجامها مع ماذكرناه سابقا لتكون موضوعته حتى ولو كانت عبارة عن قصاصة ورق يصادفها على الطريق .
3- وسائل مسموعة : التراث الثر والحكايات والامثلة والحكم وغيرها التي تدفع الكاتب لان يفكر في ما يسمع هنا او هناك ليكون صورة او عدة صور وبالتالي فانه يتبنى هذه المقولة او تلك الحكاية حتى لو كان حديث سمعه يدور بين شخصين في حافلة نقل عمومي .
4-مشاهدات : بعض الاحيان من خلال حدث عارض يحدث امامه ومن كثير من الصور التي يشاهد يوميا او ما علق بذاكرته منها لتقفز احداها وتكون مادة تداعب خياله وتتراقص امامه كفكرة قابلة للتناول وتحويلها الى عمل درامي .
5-التكليف : وهنا لا علاقة للكاتب بالفكرة اطلاقا لانها تأتي جاهزة من قبل جهة الانتاج او اية جهة اخرى ليضع عليها بصماته ويصب حصيلة درايته وثقافته في بناء موضوعتها . حيث تعرض على الكاتب فكرة ما ويطلب منه معالجة هذه الفكرة وتحويلها الى عمل درامي تلفزيوني .
وغالبا ما تكون هذه الاعمال من الاعمال الدرامية التوجيهيه او التعليمية او حتى الاعلانية وغالبا ايضا ما تكون موسميا او مرحلية ( عمل مناسبات ) وهي التي تحدد بهدف معين لصالح جهة محددة والتي غالبا ما تسبق حدث ما او تمهد لحدث كحملات توعية اجتماعية او صحية او سياسية او ثقافية وتواكبه . واكثر انواع هذا التكليف هو تقديم اعمال بسيطة على الاغلب ولا تخضع لمقومات الدراما بقدر ما تخضع لخدمة هذا الجانب وهذه المرحلة بشكل درامي مقبول .
كما في تناول حادثة معينة او شخصية ما وغير ذلك . فمن الممكن مشاهدة رجل مسن يمد يده استجداءا وبعض النسوة والمارة يمدن له يد المساعدة . هذه الصورة يمكنها ان تطلق العنان لخيال الكاتب او أي شخص وفق تصورات يرسمها لهذا الرجل وبحرية ليكون على سبيل المثال هذا الرجل بخيلا يجمع النقود ويرزمها رزما ضاحكا على الذين يدفعون بحسن نية من عرق جبينهم ويتندر بهم كأنهم مغفليون عندما يعود مساءا الى البيت ومن ثم بالامكان صياغة قصة او حداثا مثلما تدفعنا هذه التصورات وكل حسب رؤيا خاصة به . فمن يفترض ان هذا الرجل قد افنى حياته وشبابه لكي يعطي لهذا المجتمع كل ما عنده وهاهو اليوم عاجز عن الحصول على قوته الا بهذه الوسيلة لكي يسد حاجته فما على المجتمع الا انتشاله وتكريمه ورفع الغبن عنه . او من يتصوره رجل محتال وهو يقف يستدر عطف الناس بهيئة تخالف هيئته الحقيقية لسد حاجات غرائزه مثلا . وهكذا فان باستطاعة كل كاتب ان يتناول هذه الصورة وفق مايريد تحقيقه من غاية لكي يبني عليها احداثه ويصوغ منها قصة ( حكاية ) والمنظر واحد ولكن تعددت التصورات ( المعالجات ) . وهذا المنظر الذي اختاره المشاهد دون العديد من المناظر التي تشخص امام اعيننا وتتنوع الصورداخل رأس الكاتب بياشكال تختلف عنه عند المشاهد العادي لانه يناقشها ويغور في تفاصيل مايتخيله ليتخذها نواة لتحقيق فكرة ما حسب قدراته الثقافية ووموهبته ونزعاته وخصوبة خياله ومن ثم الهدف والغاية التي يسعى لتحقيقها . والفكرة تبدأ بجملة وتنتهي بعدة كلمات او عدة جمل . مثلا : الحياة الكريمة لكل انسان . او من امثالنا الشعبية التي تقول ( اللي يجي بالسهل يروح بالسهل ). او (الخطوط المتعرجة لاتوصل لغاية ولو بعد حين ). وغير ذلك تأتي لتقف امام فكرتك تقلبها .. تتناولها .. وهذا يحتم على الكاتب السؤال ... من اين ابدأ ؟ الى اين انتهي ؟ وبمقدور الكاتب ان يخمن مسبقا وضع البداية او يبدأ من النهاية . ولكنه لايستطيع ان يضمن النهاية التي يريد .لان النهاية تتغيراذا ما جاءت مستجدات اثناء المباشرة في الكتابة او اثناءها بحيث تدخلت احداث اوشخصيان لم يستطع الكاتب ان يتحكم فيها والسيطرة على خط سيرها فتجبره على الانحراف عن ما رسمه وهنالك تكليف عكس ذلك تماما وهو في تقديم عملا دراميا كبيرا متميزا ولكنه ايضا محدد الاهداف والغايات من خطوط حتى توصله الى نهايات لايمكنه الحياد عنها او تجاوزها . وبعض الاحيان الى نهاية طريق مغلق يضطر الكاتب الى مراجعة ماكتب للخروج من هذه الضائقة وهكذا يكون في حالة قلق مستمر وهو قلق مشروع لانه الباعث على خلق مستجدات لتحقيق اهداف فكرته وغالبا ما يقف عند نهاية عمله ليدفع به جانبا اذا لم يمزقه وان كان عزيزا ليشرع من جديد . وهكذا حتى يصل الى الصورة التي يراها على انها هي الاجمل والاكمل وهي المثلىفي تقديم نتاجه بعد ان يستجمع الاراء التي يعتقد بانها قادرة على تقويم العمل من ناحية وابداء النصح من ناحية اخرى لكي يكون مطمئنا على سلامة فكرته وجودة عطاءه .
-------------------------------
من كتابي ( فن الكتابة ) طبع 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق