ألبحث عن وسط ألمدينة
.............................. .....
علت ألدهشه وجوه كل من صعد ألجسر وهو ينظر ألى وسط ألمدينة ألذي أختفى في
ذلك ألصباح مخلفا بركة كبيرة تستمد مياهها من ألنهر ألقريب عن طريق ساقية
صغيرة .ألجميع توهموا أنهم مازالوا نائمين في بيوتهم .لم يستيقظوا بعد.أو
يتناولوا فطورهم ويرتدوا ملابسهم .لم يصعدوا بالسيارات ألتي تندفع بأتجاه
ألجسر ألذي خلا في ذلك أليوم من كل شئ وهو يرزخ تحت هذا ألكم من ألأسئلة
ألتي تدور في رؤوس ألناس.
أنكسارات ضوء ألشمس على مياه ألبركة يولد
موجات قوزقزحيه تلف ألمكان لتولد نوع من ألسكون لم يشعر به أحد منذ وقت
طويل .مياه ألنهر ألرمادية ألمليئة بالطمى يتحول لونها ألى ألأزرق بمجرد أن
تدخل ألبركة ألتي كانت على خلاف ألنهر تعج بالحياة .أسماك ملونة .أخطبوطات
صغيرة لم ير مثيلها من قبل .ورود صغيرة تتناثر على سطح ألبركة تفوح منها
روائح مختلفة يصل شذاها ألى أطراف ألمدينة بينما ظهرت أنكسارات الضوء على
مرايا ألعمارات ألمجاورة للنهر .
صمتت ألمدينة كلها وهي تغوص في هذا ألصباح ألسماوي ألخالص .
يحد ألبركة من ألجنوب سوق ألكتب وتمثال شاعر ألمدينة ألذي أدار رأسه نحوها
في ذلك ألصباح دون أن ينتبه أليه أحد .من ألشرق يحدها خط ألمرور ألسريع
ومن ألغرب تقف على حافتها وزارة ألجيش ألتي تبرز من أحد أركانها قاعة للرقص
ألشعبي لتشكل أحد مظاهر ألتناقضات ألتي تعج بها ألمدينة .
على ألجانب
ألأخر تقع ألمدينة ألطبية وبقربها ثلاجات ألموتى ألتي غالبا ماتعج بالصراخ
والعويل.من ألشمال تقع كلية ألفنون وسفارة لأحدى دول ألجوار........
عم ألهلع جموع ألناس ألمتجمهرين على حافة ألبركة من جميع جهاتها ألتي بدت
وكأنها موجودة في هذا ألمكان منذ مئات ألسنين .بدأ ألناس يتذكرون
ألشوارع.ألمحال.باعة ألصحف.ألكليات ألمختلفة.أكوام ألمزابل.كراج
ألسيارات.بيوت ألدعارة.ألكافتيريات.ألمطاعم.سو ق ألخضار.أحدى ألوزارات ألمهمة ألمكونة من نصفين متماثلين ترتبط بممرات داخلية بألواح زجاجية ضخمة على جانبيها.
تعالت تكبيرات ألجوامع ألقريبة بينما بدى صوت أحد ألشيوخ متشنجا قبل أن
يغط بموجة من ألبكاء وألعويل وهو يصرخ أنها علامة من علامات يوم ألقيامة
وأن هذا أليوم أقرب أليكم مما تتصورون .في ألجانب ألأخر كان أحد ألشيوخ
يصرخ أنها بحيرة ألمنقذ ألذي سيخرج من أعماقها ليملأ ألأرض عدلا وسلاما
بينما حاول رجال ألشرطة تفريق ألجموع وهم يحملون قاربا رموه في ألبركة قبل
أن يمتطيه غواصين بكامل معداتهم يرافقهما أحد ألظباط ألذي يبرز مسدسه من
جانبه ألأيمن .شغلوا محرك القارب واندفعوا الى وسط البركة.
ساد ألصمت جموع ألحاضرين قبل أن يرمي ألغواصان أنفسهم في ألبركة .
موجة من ألنعاس تملكت ألناس .أغلقوا عيونهم دفعة واحدة وعندما فتحوها كان
ألضابط قد أختفى .أحسوا بنوع غريب من ألراحة وكأنهم ناموا لعشرات ألساعات
.بعضهم أحس بالجوع وألعطش لكنهم نسوا كل شئ وهم يراقبون بذهول ألقارب ألذي
رجع تاركا ألغواصين وألضابط .بعضهم لم يكن متأكدا أنهم ركبوا ألقارب أصلا
لكن أحدهم بدأ يدفع ألناس مبتعدا وهو يصرخ
-لقد أختفوا.......أختفوا
أبتعد ألناس عن ألبركة تاركين مسافة أمتلأت بأنواع ألأزهار وأشجار ألآس
ألتي طوقت ألبركة من جميع جهاتها بمجرد أبتعاد ألناس عنها.نزل ألناس من جسر
ألمرور ألسريع وكم ألتساؤلات يغزو ألجو رافعا درجة ألحرارة ألى أللامعقول.
مضت خمسة أيام لم يجرؤ أحد خلالها ألأقتراب من ألبركة .
نشرات ألأخبار ألحكومية أذاعت ألخبر بشكل موجز بينما أنتشرت صورة ألبركة
على ألصفحات ألأولى من ألجرايد ماعدا ألصحف ألتي أختفت في ذلك أليوم
.ألحكومة بدت مرتبكة وحائرة خاصة وأن أختفاء ألوزارة ألمهمة قد أثر تأثيرا
كبيرا على عملها .تعطلت ألمدارس بصورة غير أرادية وترك أغلب ألموظفين
دوائرهم ليملأوا عيونهم من هذا ألجو ألملائكي.
عمت ألخلافات داخل ألشرطة وألجيش وهم يحاولون أقناع أحد أفرادهم بالنزول ألى ألبركة ورغم أستخدام كل ألطرق معهم من
ضمنها أتهامهم بالخيانة وعدم أطاعة ألأوامر لم يستطيعوا أقناع ولو فرد واحد بذلك .
في أليوم ألخامس كان ألملل بدأ يتسلل ألى ألناس ألذين بنتظرون أن يحدث
شيئا ما بينما طائرات ألهليكوبتر ألتي تجوب سماء ألبركة لم تعثر على أي شئ
غير عادي داخلها.
صاحب ألمقهى ألتي تقع بالقرب من سوق ألكتب لم يتذكر
ذلك ألشاعر ألذي طرده من ألمقهى لأن عدد أقداح ألشاي ألتي شربها تجاوز
ألمئة دون أن يدفع ثمنها .كان قد حلف أغلظ ألأيمان أنه لن يدخل ألمقهى ألا
بعد أن يدفع ألمبلغ بالكامل
لذلك أفترش ألشاعر ألرصيف ألمجاور للمقهى
متوسدا كتبه وأوراقه ألتي أصبحت من دون أن يخطط مكان للتسول بينما لم
ينقطع صاحب ألمقهى عن تقديم ألشاي وهو يخاطبه بخجل
لقد حلفت ..أنت تعلم
أنتشر ألشرطة ليشكلوا حاجزا يمنع ألناس من ألأقتراب من أشجار ألآس ألتي خرج منها ألشاعر متجها ألى ألضابط ألمسؤول وهو يصرخ .
سأنزل ألى ألبركة ...نعم سأفعل ذلك
وافق ألجميع على ألتضحية بالشاعر .في لحظة واحدة أقنعوا أنفسهم أن وجود ألشاعر وأختفاءه لن يشكل فرقا كبيرا في حياتهم .
قبل أن يصعد ألقارب وقف بين أشجار ألآس نافخا نفسه وهو يطلب مجموعة من ألأوراق وألأقلام وألا فأنه لن يفعل ذلك
أحتاج عشرات ألأوراق.....ها لا لا مئات ..مئات
لم يسأله أحد عن حاجته للورق بينما تعالت ألصيحات مستعجله ألجنود لجلب
مايحتاجه ألشاعر ...بعد دقائق أمتلأ ألقارب بالأوراق وعدد من ألأقلام .صعد
معتليا كل هذا وأندفع ألى وسط ألبركة .
بعض ألأقدام كانت قد تجرأت على
شجيرات ألآس وألورد وهم يراقبون ألشاعر ألذي ماأن وصل ألى منتصف ألبركة حتى
بدأ بالكتابة .يكتب وهو يضع ألأوراق بأعتناء ألواحدة فوق ألأخرى
بمجرد ألأنتهاء من كتابتها .لم يسأل أحد عما يكتبه ألشاعر ولكن ألكل كان ينتظرون لحظة أختفاءه.صرخ أحدهم بالجموع
أحذروا ألنوم ..أفتحوا عيونكم جيدا وألا سيفوتكم ألمشهد
بعض ألقنوات نصبت كاميراتها لتغطي ألحدث ألذي بدى أنه ألمشهد ألوحيد في معظم ألقنوات في ذلك أليوم.
صورة واحدة لرجل يكتب شيئا ما داخل قارب في وسط بركة رائعة ألجمال .لم
يشعر ألعالم بالملل .ألأنتظار هذه ألمرة كان مختلفا .عندما ساد ألظلام كانت
أضوية ألهليكوبترات تحاول أن تضئ ألمشهد لكن أضائتها كانت متقطعة .كان
ألقارب يختفي ويظهر.يختفي ويظهر ليختفي ألشاعر فجأة تاركا كم من ألأوراق
داخل ألقارب ألذي بدى ساكنا في تلك أللحظة.
في ألصباح أفاق ألناس وكان ألقارب قد تمدد على ساحل ألبركة
وفي داخله ألأوراق على شكل رزم أصطفت ألواحدة قرب ألأخرى ....
سحب رجال ألشرطة ألقارب تاركا أثرا واضحا في أشجار ألأس .تدافع ألناس
محاولين معرفة ماكتب ذلك ألشاعر لكن ألضابط بدى مندهشا وهو يقرأ جملة واحدة
كتبت بخط واضح وعلى طول ألورقة
أبحثوا عنه خارج ألبركة
سحب ورقة
أخرى وجد نفس ألجملة .بدأت ألأوراق تتناقل بين ألناس عندها أدركوا أن
ألساعات ألطويلة ألتي قضاها في ألكتابة كان من أجل جملة واحدة فقط.
بعد ساعات كانت ألأوراق قد ملأت شوارع ألمدينة بينما أندفع ألناس ألى بيوتهم محاولين تناسي أمر ألبركة وألشاعر.
مضت خمس سنوات أصبحت ألبركة خلالها جزء من ألمدينة .بدأت تفقد لونها
ألأزرق لتشابه لون ألنهر ألتي تستمد مياهها منه.أغلب ألمخلوقات أختفت لتغوص
داخل ألبركة بينما تحولت حدائق ألورد وأشجار ألآس الى حفر متفرقة بعد موت
ألأشجار .تجمعت قاذورات ألمحال والبيوت ألمجاورة على سواحل ألبركة.
كنت جالسا أتأمل كل ذلك عندما أحسست أن شيئا ما يقف ورائي .ألتفت لاأرى صاحب ألمقهى ألذي ماأن رأني حتى علت ألدهشه وجهه
أنه ألشاعر ...أين أختفيت ..أنه ألشاعر..لقد عاد ..عاد
بعد دقائق تجمع ألناس حولي وكأنهم يتجمعون حول جثة هامدة بينما كم ألأسئلة
غطاني تماما .تذكرت حينها ألأيام ألتي قضيتها خارج ألمقهى لذلك ألتفت نحوه
وسألته
أريد أن أدخل ألمقهى
ها..نعم...تعال..أجابني بتردد
أستقريت على أحد ألكراسي عندها تجمع ألناس فوقي منتظرين أن أخبرهم ماحدث لي
خلال تلك ألسنين ألتي قضيتها بعيدا عن كل شئ .كان شيئا رائعا هذه أللهفة
ألتي بدت على وجوههم .نظرت أليهم بنوع من ألتكبر وسألتهم
أعرف ماتريدون ولكن لماذا لم تبحثوا عنه خارج ألبركة
أصاب ألذهول ألجميع وهم يتذكرون ألأوراق ألتي غطت شوارع ألمدينة في ذلك
أليوم وكي لايتسلل ألملل ألى نفوسهم أبتسمت في وجوههم .بعد لحظات تحولت
أبتسامتي ألى نوع من ألضحك يشبه ألصراخ .ضحكوا كلهم بنفس ألطريقة دون أن
يفقهوا سببا لذلك ألضحك .تعالت ألأصوات لتغطي ألبركة ألتي بالكاد تقوى على
ألتنفس أما صاحب ألمقهى فكان ينظر ألينا مندهشا وهو يرمي فضلات ألشاي في
ألبركة
سعد عودة رسن
2007
..............................
علت ألدهشه وجوه كل من صعد ألجسر وهو ينظر ألى وسط ألمدينة ألذي أختفى في ذلك ألصباح مخلفا بركة كبيرة تستمد مياهها من ألنهر ألقريب عن طريق ساقية صغيرة .ألجميع توهموا أنهم مازالوا نائمين في بيوتهم .لم يستيقظوا بعد.أو يتناولوا فطورهم ويرتدوا ملابسهم .لم يصعدوا بالسيارات ألتي تندفع بأتجاه ألجسر ألذي خلا في ذلك أليوم من كل شئ وهو يرزخ تحت هذا ألكم من ألأسئلة ألتي تدور في رؤوس ألناس.
أنكسارات ضوء ألشمس على مياه ألبركة يولد موجات قوزقزحيه تلف ألمكان لتولد نوع من ألسكون لم يشعر به أحد منذ وقت طويل .مياه ألنهر ألرمادية ألمليئة بالطمى يتحول لونها ألى ألأزرق بمجرد أن تدخل ألبركة ألتي كانت على خلاف ألنهر تعج بالحياة .أسماك ملونة .أخطبوطات صغيرة لم ير مثيلها من قبل .ورود صغيرة تتناثر على سطح ألبركة تفوح منها روائح مختلفة يصل شذاها ألى أطراف ألمدينة بينما ظهرت أنكسارات الضوء على مرايا ألعمارات ألمجاورة للنهر .
صمتت ألمدينة كلها وهي تغوص في هذا ألصباح ألسماوي ألخالص .
يحد ألبركة من ألجنوب سوق ألكتب وتمثال شاعر ألمدينة ألذي أدار رأسه نحوها في ذلك ألصباح دون أن ينتبه أليه أحد .من ألشرق يحدها خط ألمرور ألسريع ومن ألغرب تقف على حافتها وزارة ألجيش ألتي تبرز من أحد أركانها قاعة للرقص ألشعبي لتشكل أحد مظاهر ألتناقضات ألتي تعج بها ألمدينة .
على ألجانب ألأخر تقع ألمدينة ألطبية وبقربها ثلاجات ألموتى ألتي غالبا ماتعج بالصراخ والعويل.من ألشمال تقع كلية ألفنون وسفارة لأحدى دول ألجوار........
عم ألهلع جموع ألناس ألمتجمهرين على حافة ألبركة من جميع جهاتها ألتي بدت وكأنها موجودة في هذا ألمكان منذ مئات ألسنين .بدأ ألناس يتذكرون ألشوارع.ألمحال.باعة ألصحف.ألكليات ألمختلفة.أكوام ألمزابل.كراج ألسيارات.بيوت ألدعارة.ألكافتيريات.ألمطاعم.سو
تعالت تكبيرات ألجوامع ألقريبة بينما بدى صوت أحد ألشيوخ متشنجا قبل أن يغط بموجة من ألبكاء وألعويل وهو يصرخ أنها علامة من علامات يوم ألقيامة وأن هذا أليوم أقرب أليكم مما تتصورون .في ألجانب ألأخر كان أحد ألشيوخ يصرخ أنها بحيرة ألمنقذ ألذي سيخرج من أعماقها ليملأ ألأرض عدلا وسلاما بينما حاول رجال ألشرطة تفريق ألجموع وهم يحملون قاربا رموه في ألبركة قبل أن يمتطيه غواصين بكامل معداتهم يرافقهما أحد ألظباط ألذي يبرز مسدسه من جانبه ألأيمن .شغلوا محرك القارب واندفعوا الى وسط البركة.
ساد ألصمت جموع ألحاضرين قبل أن يرمي ألغواصان أنفسهم في ألبركة .
موجة من ألنعاس تملكت ألناس .أغلقوا عيونهم دفعة واحدة وعندما فتحوها كان ألضابط قد أختفى .أحسوا بنوع غريب من ألراحة وكأنهم ناموا لعشرات ألساعات .بعضهم أحس بالجوع وألعطش لكنهم نسوا كل شئ وهم يراقبون بذهول ألقارب ألذي رجع تاركا ألغواصين وألضابط .بعضهم لم يكن متأكدا أنهم ركبوا ألقارب أصلا لكن أحدهم بدأ يدفع ألناس مبتعدا وهو يصرخ
-لقد أختفوا.......أختفوا
أبتعد ألناس عن ألبركة تاركين مسافة أمتلأت بأنواع ألأزهار وأشجار ألآس ألتي طوقت ألبركة من جميع جهاتها بمجرد أبتعاد ألناس عنها.نزل ألناس من جسر ألمرور ألسريع وكم ألتساؤلات يغزو ألجو رافعا درجة ألحرارة ألى أللامعقول.
مضت خمسة أيام لم يجرؤ أحد خلالها ألأقتراب من ألبركة .
نشرات ألأخبار ألحكومية أذاعت ألخبر بشكل موجز بينما أنتشرت صورة ألبركة على ألصفحات ألأولى من ألجرايد ماعدا ألصحف ألتي أختفت في ذلك أليوم .ألحكومة بدت مرتبكة وحائرة خاصة وأن أختفاء ألوزارة ألمهمة قد أثر تأثيرا كبيرا على عملها .تعطلت ألمدارس بصورة غير أرادية وترك أغلب ألموظفين دوائرهم ليملأوا عيونهم من هذا ألجو ألملائكي.
عمت ألخلافات داخل ألشرطة وألجيش وهم يحاولون أقناع أحد أفرادهم بالنزول ألى ألبركة ورغم أستخدام كل ألطرق معهم من
ضمنها أتهامهم بالخيانة وعدم أطاعة ألأوامر لم يستطيعوا أقناع ولو فرد واحد بذلك .
في أليوم ألخامس كان ألملل بدأ يتسلل ألى ألناس ألذين بنتظرون أن يحدث شيئا ما بينما طائرات ألهليكوبتر ألتي تجوب سماء ألبركة لم تعثر على أي شئ غير عادي داخلها.
صاحب ألمقهى ألتي تقع بالقرب من سوق ألكتب لم يتذكر ذلك ألشاعر ألذي طرده من ألمقهى لأن عدد أقداح ألشاي ألتي شربها تجاوز ألمئة دون أن يدفع ثمنها .كان قد حلف أغلظ ألأيمان أنه لن يدخل ألمقهى ألا بعد أن يدفع ألمبلغ بالكامل
لذلك أفترش ألشاعر ألرصيف ألمجاور للمقهى متوسدا كتبه وأوراقه ألتي أصبحت من دون أن يخطط مكان للتسول بينما لم ينقطع صاحب ألمقهى عن تقديم ألشاي وهو يخاطبه بخجل
لقد حلفت ..أنت تعلم
أنتشر ألشرطة ليشكلوا حاجزا يمنع ألناس من ألأقتراب من أشجار ألآس ألتي خرج منها ألشاعر متجها ألى ألضابط ألمسؤول وهو يصرخ .
سأنزل ألى ألبركة ...نعم سأفعل ذلك
وافق ألجميع على ألتضحية بالشاعر .في لحظة واحدة أقنعوا أنفسهم أن وجود ألشاعر وأختفاءه لن يشكل فرقا كبيرا في حياتهم .
قبل أن يصعد ألقارب وقف بين أشجار ألآس نافخا نفسه وهو يطلب مجموعة من ألأوراق وألأقلام وألا فأنه لن يفعل ذلك
أحتاج عشرات ألأوراق.....ها لا لا مئات ..مئات
لم يسأله أحد عن حاجته للورق بينما تعالت ألصيحات مستعجله ألجنود لجلب مايحتاجه ألشاعر ...بعد دقائق أمتلأ ألقارب بالأوراق وعدد من ألأقلام .صعد معتليا كل هذا وأندفع ألى وسط ألبركة .
بعض ألأقدام كانت قد تجرأت على شجيرات ألآس وألورد وهم يراقبون ألشاعر ألذي ماأن وصل ألى منتصف ألبركة حتى بدأ بالكتابة .يكتب وهو يضع ألأوراق بأعتناء ألواحدة فوق ألأخرى
بمجرد ألأنتهاء من كتابتها .لم يسأل أحد عما يكتبه ألشاعر ولكن ألكل كان ينتظرون لحظة أختفاءه.صرخ أحدهم بالجموع
أحذروا ألنوم ..أفتحوا عيونكم جيدا وألا سيفوتكم ألمشهد
بعض ألقنوات نصبت كاميراتها لتغطي ألحدث ألذي بدى أنه ألمشهد ألوحيد في معظم ألقنوات في ذلك أليوم.
صورة واحدة لرجل يكتب شيئا ما داخل قارب في وسط بركة رائعة ألجمال .لم يشعر ألعالم بالملل .ألأنتظار هذه ألمرة كان مختلفا .عندما ساد ألظلام كانت أضوية ألهليكوبترات تحاول أن تضئ ألمشهد لكن أضائتها كانت متقطعة .كان ألقارب يختفي ويظهر.يختفي ويظهر ليختفي ألشاعر فجأة تاركا كم من ألأوراق داخل ألقارب ألذي بدى ساكنا في تلك أللحظة.
في ألصباح أفاق ألناس وكان ألقارب قد تمدد على ساحل ألبركة
وفي داخله ألأوراق على شكل رزم أصطفت ألواحدة قرب ألأخرى ....
سحب رجال ألشرطة ألقارب تاركا أثرا واضحا في أشجار ألأس .تدافع ألناس محاولين معرفة ماكتب ذلك ألشاعر لكن ألضابط بدى مندهشا وهو يقرأ جملة واحدة كتبت بخط واضح وعلى طول ألورقة
أبحثوا عنه خارج ألبركة
سحب ورقة أخرى وجد نفس ألجملة .بدأت ألأوراق تتناقل بين ألناس عندها أدركوا أن ألساعات ألطويلة ألتي قضاها في ألكتابة كان من أجل جملة واحدة فقط.
بعد ساعات كانت ألأوراق قد ملأت شوارع ألمدينة بينما أندفع ألناس ألى بيوتهم محاولين تناسي أمر ألبركة وألشاعر.
مضت خمس سنوات أصبحت ألبركة خلالها جزء من ألمدينة .بدأت تفقد لونها ألأزرق لتشابه لون ألنهر ألتي تستمد مياهها منه.أغلب ألمخلوقات أختفت لتغوص داخل ألبركة بينما تحولت حدائق ألورد وأشجار ألآس الى حفر متفرقة بعد موت ألأشجار .تجمعت قاذورات ألمحال والبيوت ألمجاورة على سواحل ألبركة.
كنت جالسا أتأمل كل ذلك عندما أحسست أن شيئا ما يقف ورائي .ألتفت لاأرى صاحب ألمقهى ألذي ماأن رأني حتى علت ألدهشه وجهه
أنه ألشاعر ...أين أختفيت ..أنه ألشاعر..لقد عاد ..عاد
بعد دقائق تجمع ألناس حولي وكأنهم يتجمعون حول جثة هامدة بينما كم ألأسئلة غطاني تماما .تذكرت حينها ألأيام ألتي قضيتها خارج ألمقهى لذلك ألتفت نحوه وسألته
أريد أن أدخل ألمقهى
ها..نعم...تعال..أجابني بتردد
أستقريت على أحد ألكراسي عندها تجمع ألناس فوقي منتظرين أن أخبرهم ماحدث لي خلال تلك ألسنين ألتي قضيتها بعيدا عن كل شئ .كان شيئا رائعا هذه أللهفة ألتي بدت على وجوههم .نظرت أليهم بنوع من ألتكبر وسألتهم
أعرف ماتريدون ولكن لماذا لم تبحثوا عنه خارج ألبركة
أصاب ألذهول ألجميع وهم يتذكرون ألأوراق ألتي غطت شوارع ألمدينة في ذلك أليوم وكي لايتسلل ألملل ألى نفوسهم أبتسمت في وجوههم .بعد لحظات تحولت أبتسامتي ألى نوع من ألضحك يشبه ألصراخ .ضحكوا كلهم بنفس ألطريقة دون أن يفقهوا سببا لذلك ألضحك .تعالت ألأصوات لتغطي ألبركة ألتي بالكاد تقوى على ألتنفس أما صاحب ألمقهى فكان ينظر ألينا مندهشا وهو يرمي فضلات ألشاي في ألبركة
سعد عودة رسن
2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق